كشف الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في افتتاح المنتدى العالمي لمنظمي الاتصالات (GSR) التابع للاتحاد الدولي للاتصالات الذي يعقد تحت رعاية رئيس الجمهورية، عن القضايا التي شغلت صناعة الاتصالات وتراوحت ما بين تنظيم خدمات الجيل الخامس، ووضع ضوابط استخدامات الطيف الترددي لتشغيل الطائرات دون طيار، وبحث سبل تسريع استخدام مدارات الأقمار الصناعية المستقرة وغير المستقرة بالنسبة إلى الأرض للتوسع في إتاحة خدمات الإنترنت لشعوبنا، لافتا إلى أن الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أصبحت في مقدمة القطاعات المنتظر منها دفع حركة التنمية المستدامة، وأن الدولة تعمل على دفع عجلة التحول الرقمي في كافة القطاعات.
رحب طلعت في مستهل كلمته بالحاضرين فى المنتدى ، وقال وإذ نلتقى للمرة الثانية خلال الخمس سنوات الماضية... حيث التقينا فى عام 2019 فى مدينة السلام، لنشهد فعاليات المؤتمر العالمى للاتصالات الراديــــــــوية WRC 2019. ولعل بعض القضايا التى شغلت صناعتنا حين ذاك تراوحت ما بين تنظيم خدمات الجيل الخامس، ووضع ضوابط استخدامات الطيف الترددى لتشغيل الطائرات بدون طيار، وبحث سبل التسريع من استخدام مدارات الأقمار الصناعية المستقرة وغير المستقرة بالنسبة إلى الأرض للتوسع فى إتاحة خدمات الإنترنت لشعوبنا... ولكن خلال الخمس سنوات اللاحقة لمؤتمرنا، تعاقبت على الإنسانية شدائد صحية، وأزمات جيوسياسية، وتغيرات مناخية، واضطرابات اقتصادية، شكلت تحدياً حقيقياً لنُظُم عملنا على نحو يدفعنا إلى إعادة تقييم سياساتنا ومستهدفاتنا، وترك هذا السلسال المتعاقب الحكومات والشركات والمجتمعين المدنى والدولى معاً يتسألون: كيف لنا أن نمضى نحو أهداف التنمية المستدامة فى ظل ما نشهده من أزماتٍ مركبة؟ وكيف سنحقق القيمة المحورية لأهداف التنمية المستدامة التى تعهدنا بالوفاء بها كمجتمعٍ دولى فى عام 2015 "بألا ندع أحداً يتخلف عن الركب... Leave no one behind" ؟ ولعل البعض يتساءل عن علاقة قطاع الاتصالات بهذا،
وأعرب عن اقتناعه بأن هذه الأسئلة ليست ببعيدة عن قضايا صناعتنا، واعتقد أن الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أصبحا فى مقدمة القطاعات المنتظر منها دفع حركة التنمية المستدامة دون توانٍ...
من هنا جاء ثقل هذا المحفل الهام الذى نسعد باستضافته فى مصر هذا العام تحت شعار "التنظيم من أجل مستقبل رقمى مستدام"، ليكون منصةً لتبادل الخبرات والتجارب بين صانعى القرار ومنظمى الاتصالات والمتخصصين الأكاديميين ورواد الصناعة فى الدول النامية والصناعية على حدٍ سواء.
و استعرض بعض تجارب مصر نحو بناء مجتمع رقمى مستدام، قائم على أسس الشمول الاجتماعى وتكافؤ الفرص... مجتمع "مصر الرقمية" الذى يتمحور حول الإنسان.
وقال أن الإنسان. .. كمواطن، له الحق فى التمتع بخدمات حكومية مبسطة ومحوكمة؛ وكمستخدم، له الحق فى النفاذ لبنية تحتية معلوماتية كفء لتلقى كافة أنواع المعارف وأطياف العلم؛ وكساعٍ لفرصة عمل، له الحق فى تغيير مساره العملى أو تعلم ما يمكّنه من اتخاذ التكنولوجيا داعماً لعمله؛ وأخيراً وليس آخراً الإنسان كمبدع، قادر على إنتاج فكرة له الحق أن يكتسب قدرة تحويل فكرته لتطبيق تكنولوجى يحقق قيمة مضافة للمجتمع والاقتصاد القومى لمصر.
تقوم استراتيجية مصر الرقمية على ثلاثة ركائز أساسية: دفع عجلة التحول الرقمى فى كافة قطاعات الدولة، وصقل المهارات الرقمية بما يعزز من قدرة شبابنا على الالتحاق بوظائف فى ظل اقتصاد المعرفة، ورعاية الإبداع الرقمى... وتلك الركائز بدورها تستند على ممكنين رئيسيين: الاستثمار فى تحسين كفاءة البنية التحتية المعلوماتية وانتشارها فى مصر، وبناء سياج تشريعى مُنظم للقطاع وجاذب للاستثمارات.
وأضاف أنه إيماناً منا بضرورة النفاذ لخدمات الإنترنت للجميع والتزاماً بسد الفجوة الرقمية، تسهم وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات باستثمارات هائلة لتطوير البنية التحتية التكنولوجية فى كافة القرى المصرية من خلال المشروع القومى الطموح "حياة كريمة" لتكون حياة كريمة رقمية... ففى عصر اقتصاديات المعرفة بات النفاذ للإنترنت حقاً أصيلاً لكل مواطن وأصبح الاتصال بالعالم سمة العصر، وهو ما يتطلب تدخل الحكومات لضمان وصول الخدمة لبناء اقتصاد رقمى دامج الذى يعد الأساس الذى تُبنى عليه مصر الرقمية، بعيداً عن الدراسات التجارية للمشاريع التى قد تحول دون تمتع كافة فئات المجتمع بخدمات الصوت والإنترنت... هذا الاعتبار هو ما دفعنا لتمويل مشروعات مد كابلات الألياف الضوئية والتشارك مع مشغلى المحمول فى كلفة بناء محطات المحمول فى أكثر من 4 آلاف قرية بواقع 9 مليون وحدة سكنية خلال الثلاث سنوات القادمة. كما ندرك أن النفاذ للخدمة وحده لا يقضى على الفجوة الرقمية التى تحتم التوسع فى مبادرات محو الأمية الرقمية وبناء الثقافة الرقمية والتمكين الاقتصادى الرقمى... لذلك تتكامل استثماراتنا فى البنية التحتية فى قرى حياة كريمة مع استثماراتنا فى بناء قدرات أهلنا القاطنين فيها من خلال برامج تمكنت من محو الأمية الرقمية لدى 70 ألف مواطن فى الريف المصرى ضمن المرحلة الأولى من مشروع حياة كريمة بعشرين محافظة... يشمل الإجمالى 38 ألف سيدة أى بنسبة 56% ... هذه الإحصائية ليست مصادفة، بل تعكس التزاماً راسخاً بتمكين المرأة رقمياً بما ينعكس أيضاً على تمكينها اقتصادياً واجتماعياً حيث حرصنا على مشاركة المرأة فى إحداث أثر فى محيط مجتمعها فسعدنا بمشاركة حوالى 90 رائدة معرفة ومكلفة وواعظة بالإضافة إلى 425 ميسرة من المجلس القومى للمرأة لتنفيذ مبادرة "حياة كريمة رقمية" بعد أن حصلوا على تدريب يؤهلهم لذلك.
وإضافة لمشروعات التحول الرقمى القطاعية لتبسيط الإجراءات وزيادة كفاءة منظومات العمل الحكومية وآليات تقديم خدمات المواطنين، نقيم مشروعات تبرز دور التكنولوجيا المحورى فى تصحيح التفاوتات فى النفاذ للخدمات الصحية والتعليمية... فأقمنا 300 وحدة صحية بها أجهزة التشخيص عن بعد بالتعاون مع وزارة الصحة لتوسيع نطاق الرعاية الصحية للقرى والمناطق النائية التى تعانى من ندرة فى أعداد الأطباء المتخصصين.